جوانب من دور الشريعة والعرف في الحياة الاجتماعية للصحراء المغربية

جوانب من دور الشريعة والعرف في الحياة الاجتماعية للصحراء المغربية

خلال الفترة الممتدة من القرن 11هـ إلى أواخر القرن 19م

هذا الملف هو أطروحة جامعية لنيل الدكتوراه للباحة ماجدة كريمي، وبحسب مقدمة رسالتها الجامعية فإن البحث في هذا الموضوع أملته بعض الظروف الموضوعية والذاتية؛ يأتي في مقدمتها أن تاريخ المجتمع الصحراوي المغربي بمعناه العام من القضايا التي مازالت لم تكتب بعد، فالمصادر المتوفرة على قلتها لا تعطي إضاءات كافية ومباشرة عن هذا الموضوع، فضلا عن أن أغلب الدراسات الأكاديمية شبه نادرة، والمتوفر منها يعود إلى الحقبة الكولونيالية الشيء الذي يفرض نوعا من الحيطة والحذر من بعض خلاصاتها، واستنتاجاتها العامة، التي لم تكن لتنفصل بأي حال من الأحوال عن نظيراتها التي كتبت عن مجتمعات الجوار المغاربي والإفريقي حيث تحكمت في كتابها من مؤرخين وانثروبولوجيين أهواء السياسة الكولونيالية، وما ارتبط بها من مؤامرات وتبريرات لإحكام السيطرة على مناطق وصفها عتاة الاستعمار بالأرض الخلاء؛ فركزت مختلف كتاباتهم على مقاربة بلاد المغرب بشكل عام وفق ازدوجيات تعسفية تكرس ثقافة الانقسام، وعدم الوحدة في كل بناه الداخلية وفق منطق يقوم على ثنائيات متناقضة…
يغطي موضوع البحث المنطقة الجغرافية الممتدة من وادي نون شمالا إلى وادي الذهب جنوبا، التي تكون المجال الترابي للجهات الجنوبية الثلاث؛ جهة كلميم وادي نون، وجهة العيون الساقية الحمراء، وجهة الداخلة وادي الذهب، باعتباره الفضاء الشاسع الذي كانت تشغله قبائل الصحراء، وتنتجع في أرجائه بحثا عن الكلأ لمواشيها، وتعبره قوافلها التجارية، فهو المجال الذي سكنته منذ قرون عدة، وتكيفت مع ظروفه الطبيعية والمناخية، حتى أضحى جزءا من ثقافتها وهويتها الحضارية؛ ففيه نشأت أنماط من الاستغلال الاقتصادي الرعوي والزراعي، وداخل مجتمعاته ظهرت عادات وأعراف نظمت حياة المجتمع، وعلاقاته الداخلية والخارجية المختلفة، التي أطرتها فتاوى ونوازل الفقهاء الصحراويين المختلفة. وأثناء بحثنا في الموضوع لم نبق حبيسي المنطق الترابي الضيق في معالجة مختلف عناصره، بل تجاوزناه إلى اعتماد منطق حضاري وهوياتي أوسع منطلقين من مبدأ أن الحدود الفكرية، والمذهبية والثقافية لمنطقة الصحراء تتجاوز الحدود الجغرافية والإثنولوجية الضيقة، إلى عموميتها لمنطقة الغرب الصحراوي عامة، ومنطقة سوس بل والمغرب الأقصى ككل، مشكلة مجتمعا واحدا تتقاطع عناصره، ومكوناته فيما بينها في العديد من المشتركات التي تراكمت على مدى تاريخ طويل، وهكذا انفتحنا على بعض من عناصر التراث النوازلي والفقهي لمنطقة شنقيط، ومنطقة سوس باعتبارهما منطقتان لإنتاج المعرفة الفقهية العالمة التي شكلت في وقت من الأوقات مرجعا للإفتاء في ربوع الصحراء. متوسلا بتلك العناصر في استنباط بعض الملاحظات، وإجراء مقارنات ساعدت في كثير من الأحيان على توضيح بعض جوانب الغموض في هذه الدراسة.
بالنسبة للحدود الزمنية فهي تغطي الفترة الممتدة من القرن الحادي عشر الهجري إلى أواخر القرن الثالث عشر الهجري/ القرن السابع عشر 17الميلادي إلى أواخر القرن التاسع عشر الميلادي.

شارك