تحتل دراسة موضوع: “دور الجامعة في الترافع عن قضية الصحراء المغربية“، مكانة متميزة تقوم على معطيين أساسيين، فمن جهة أولى ينطلق المعطى الثابت، لما كان للبحث عن حضارة المغرب وثقافته لمعرفة حقيقية وكاملة بهما يقتضي اعتماد ما ظهرت به في سياقهما التجمعات الحضرية الكبرى، واعتبار ما أنتج على مستوى سائر الجهات، والوقوف على ما يتميز به هذا الإنتاج من خصوصيات وما يتضمنه بذلك من إضافات هي التي تقود إلى تحقيق تلك المعرفة، فتتبلور بها الهوية الوطنية على أساس من مقومات ثابتة ومكونات راسخة.
ومن جهة ثانية، يعتبر المعطى المتحرك الجامعة ومؤسساتها المشتل الطبيعي للبحث العلمي الذي حظي بأهمية خاصة في التشريع الدستوري المغربي، وهو ما يجعلها مدعوة أكثر من أي وقت مضى للارتقاء بمشعل العلم إلى مستوى والنوع والجودة، بغية الدفع بقاطرة التنمية الشاملة إلى الأمام، إذ لا مراء في الدور الكبير الذي قامت به الجامعة المغربية خلال فترة زمنية تلامس الستين عاما وما يزيد، في نشر الوعي داخل البيئة المغربية، وتأسيس قواعد البحث العلمي الأكاديمي، وتحقيق تراكم معرفي أصبحت نتائجه تلمس سواء على المستوى الوطني أو الدولي. وهو التراكم الذي تخلله تطور نوعي، مس حقولا معرفية متعددة بدءا بمجالات العلوم الإنسانية، وامتدادا إلى مجالات العلوم الدقيقة.
تناولت الدكتورة فاطمة اعليلوش، أستاذة التعليم العالي، الكلية المتعددة التخصصات العرائش، جامعة عبد المالك السعدي، تطوان، دور الجامعة في الترافع عن قضية الصحراء المغربية من خلال مقاربتين رئيسيتين:
الأولى تستند إلى الدور البذي لعبته البحث العلمي والدراسات الجامعية للدفاع عن الصحراء المغربية وفكرها وتراثها، والتي انصبت على عدة جوانب تتكامل فيما بينها لإبراز الدلالات المتعددة لاهتمام الباحثين المغاربة بهذا الجزء الغالي من الوطن من جهة، ولإبراز طبيعة تلك الاهتمامات من حيث الموضوعات المعالجة من جهة أخرى، هذا فضلا عما يطبع تلك الدراسات الجامعية ذات الطابع العلمي الاكاديمي من موضوعية وإنصاف من حيث المنهج وطريقة البحث والتحليل، ومن إحساس عميق بالوحدة الفكرية والثقافية للوطن، في إطار التعدد والتنوع، ومن حيث الحوافز والدوافع التي كانت وراء اختيار هذه الموضوعات التي يحتاج إنجاز كل منها إلى سنوات وجهود متواصلة، ويحتاج بعضها إلى رحلات وزيارات ميدانية واتصال مباشر، واستعانة بعدد من المصادر والمراجع والوثائق المتنوعة التي تعد حججا دامغة تعزز النتائج العلمية التي تنتهي إليها هذه الدراسات.
وخدمة لهذا التوجه العام، فإنه يجب على الجامعة المغربية، بما تمثله من إشعاع ثقافي وعلمي يتجاوز مداه حدود الوطن أن تتحمل مسؤولياتها في تدعيم الإجماع الوطني حول الوحدة الترابية وترسيخه، في ظروف التطورات الحاسمة التي تعرفها قضية الصحراء. أما المقاربة الثانية، فإنها تستند على طبيعة التقنيات الترافعية التي تعتمدها الدبلوماسية الجامعية بالمغرب للدفاع عن القضية الوطنية، والتي تدفع الجامعة إلى إحداث مركز الدراسات والأبحاث الصحراوية على اعتبار أنها تعد إحدى الخطوات المهمة التي تروم حفظ وتثمين تراث المنطقة، وتمكين الباحثين والمهتمين بالبحث العلمي في حقل الدراسات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية حول الصحراء من ناحية ومن ناحية أخرى، فإن الجامعة المغربية تقوم إلى باقي الفاعلين في الشأن العام، والذين نجد على رأسهم مختلف المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومجلس الجالية المقيمة بالخارج، بالدفاع والترافع في جميع القضايا الوطنية، والتي تأتي في مقدمتها قضية الصحراء المغربية، بتسخير جميع الوسائل التي من شأنها أن تجعل جميع المواطنين المغاربة هم الآخرين منخرطين وداعمين للوحدة الترابية، سواء بعقد شراكات أو تنظيم لقاءات علمية وأيام دراسية أو حلقات تكوينية… إلخ، تجعل الجميع دولة ومجتمعا)، منخرطا في تحمل مسؤوليته اتجاه قضيتنا الوطنية الأولى.