أيت عطا الصحراء وتهدئة آفلا-ن-درا

كتاب “أيت عطا الصحراء وتهدئة آفلا-ن-درا” لجورج سبيلمان، الذي ترجمه وعلق عليه محمد بوكبوط، من منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، مركز الدراسات التاريخية والبيئية عام 2007، ويستعرض المترجم في مقدمته توافق آراء الباحثين في مجال التاريخ المغربي المعاصر على الأهمية الكبرى للتراث المكتوب الذي هو محصلة الفترة الاستعمارية. حيث أنتجت كمية هائلة من الكتابات والدراسات والتقارير التي أعدها باحثون ومستكشفون بهدف دراسة الأوضاع بالمغرب في نهاية القرن التاسع عشر وفي النصف الأول من القرن العشرين.
ورغم أن المدرسة التاريخية الوطنية في العقود الأولى من الاستقلال واجهت هذا الإرث بالنقد والتحليل في إطار جهود تصفية الاستعمار على المستوى المعرفي وتصحيح العديد من المقولات والنظريات التي خدمت السياسة الاستعمارية، إلا أن البحث العلمي المغربي ظل قاصرا مقارنة بما أنجزه المغرب في مجال البحث العلمي. وقد تم إنجاز هذا المشروع خلال الفترة الاستعمارية، وخاصة فيما يتصل بتاريخ المناطق القبلية التي وصفت، على نحو ساخر، بأنها مناطق “عديمة الفائدة” في المغرب خلال فترة الحماية.
ولقد تعرضت هذه المناطق للإهمال، بما في ذلك تنظيماتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، لأن العلماء المغاربة اعتمدوا إلى حد كبير على ما كتبه نظراؤهم الاستعماريون. ومن هنا فإن الباحثين اليوم يواجهون نقصا واضحا في الدراسات والأبحاث التي تتناول الفترة الاستعمارية وما قبلها في الريف، باستثناء ما كتبه موظفو الشؤون المدنية.
ويمكن إرجاع هذا النقص، حسب بعض الباحثين المهتمين بتاريخ المناطق القبلية، إلى غياب المصادر التاريخية الوطنية الموثوقة. ويرجع ذلك إلى تركيز مؤلفي الحوليات والسير على المدن والعواصم باعتبارها مراكز النفوذ الرئيسية للدولة المركزية (المخزن)، بالإضافة إلى عزوف فقهاء الصحراء عن توثيق التاريخ المحلي، حيث استخدموا مهاراتهم الكتابية للتقرب من الأشخاص المؤثرين وتحقيق اهتماماتهم الشخصية.
إلا أن هناك عوامل أخرى تفسر هذا الواقع، وترتبط بتوجهات المدرسة التاريخية الوطنية في المغرب بعد الاستقلال. وقد اهتم روادها، الذين ينتمي أغلبهم إلى الحواضر، بتوثيق تاريخ ما يسمى بالمغرب “المفيد”، وركزوا بشكل خاص على تاريخ الحواضر ونخبها، على خطى “أسلافهم” من بين المؤرخون الذين اهتموا بهذه المناطق بشكل مماثل.

شارك